الثلاثاء، ١٩ فبراير ٢٠٠٨

طاقة أمل


قليلة هي المرات التي أذكرها التي استجابت فيها الحكومة لصوت العقل والمنطق وتجنبت فيها إصدار قوانين من شانها تضييق الخناق على الشعب المسكين حتى لا يبقى أمامه إلا الانفجار ، لكن هذه المرة ينبغي أن نحيي يوسف بطرس غالي عندما تراجع عما كان ينوي عليه من فرض الضرائب العقارية الجديدة على كل مبنى في مصر حتى العشش والمقابر ، وأعلن اليوم أن الضريبة لن تفرض على الوحدات السكنية بالريف والعشوائيات والمقابر وبيوت العبادة من مساجد وكنائس وجمعيات خيرية ومراكز شباب ونقابات من دفع الضريبة العقارية كما لن تفرض على الوحدات السكنية التي تقل قيمة الواحدة منها عن‏250‏ ألف جنيه ، فطبفًا لهذه التصريحات ستكون هذه المرة الأولى للحكومة الحالية التي تفرض فيها الضريبة على الأغنياء فقط ، بعكس الضرائب السابقة التي كانت تعفي المستثمرين الأغنياء ولا تعفي موظفين الدولة الفقراء أو ضريبة المبيعات التي تأكل دخول الفقراء ولا يتاثر بها الأغنياء ، ولكن أفلح إن صدق ، فسيظل تحديد قيمة العقار مرهونا بلجنة مما يفتح الباب أما فساد لا يقل عن الفساد الموجود الآن في الأحياء الذي وصل إلى حد فرض إتاوات لمن اراد أن يبني أو يدخل كهرباء أو ماء أو فكر حتى أن يتنفس الهواء .
العيب الأساسي في القوانين الوضعية أنها تصدر لتعالج فترة زمنية آنية ولكنها تطبق على فترة زمنية ممتدة ، فمبلغ الـ 250 ألف جنيه يبدو كبيرًا نسبيًا الآن حيث أن هناك نسبة لا بأس بها من الشقق أقل من هذا المبلغ ، ولكن ماذا سيحدث بعد عشر سنوات وأسعار العقارات آخذة في ازدياد جنوني بسبب مافيا الاتجار في أراضي الدولة وبسبب الارتفاع الجنوني في أسعار مواد البناء ، وخاصة الحديد الذي يبدو أن محتكريه فوق القانون وأنهم لا يسألون عما يفعلون حتى ذهبت الظنون إلى أنهم مسنودون لآخر مدى ممكن يخطر لبال وأن الحكاية ليست مجرد منصب في حزب أو مجلس ، وستزداد الأسعار حتى يصبح مبلغ الـ 250 ألف جنيه عاجز عن شراء مقبرة أو شقة في حي عشوائي ، بل أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي يعطي فيه الوالد ابنه 250 ألف جنيه ويقول له : انزل بدري عشان تلحق تشتري 5 أرغفة قبل الفرن ما يخلص العيش المدعوم .