الأربعاء، ١٣ فبراير ٢٠٠٨

أحلام مصرية

- طارت بي الفرحة للوهلة الأولى عندما قرأت تصريح الرئيس أن مصر لا تقبل ضغوطًا خارجية ولا تقبل إملاءات من أحد ، وطار بي الخيال إلى ذرى الجبال فتخيلت أن مصر ستعلن غدًا صباحًا أنها لم تعد تقبل أن يفرض عليها الحد من عدد جنودها وتشكيلاتهم على حدودها مع إسرائيل ، وأنها ستطالب بتحقيق دولي في حوداث قتل المصريين على الحدود برصاص جنود إسرائيل وآخرهم الشهيد حميدان سويلم الذي قتل على عتبة بيته برفح ولم يُسمع ولو صوت واحد نشاز يطالب بدمه المهدور ، وطار بي الخيال فتخيلت أننا قدمنا الصهاينة إلى محاكم جرائم الحرب بتهمة قتل الأسرى المصريين العزل على اعتبار أنهم بشر وليسوا مجرد رعايا لحزب المال والسلطة ، وتخيلت أن مصر سترفض أن تستباح طابا لكل من هب ودب من حملة الإيدز الإسرائيلي هدية لشباب مصر الظمآن ، وتخيلت أن مصر ستعلن إغلاق مولد أبي حصيرة للأبد وإعادة قبر الرجل المسلم الذي هوّده الصهاينة ليكون مسمار جحا المغروس في قلب مصر ، وتخيلت أننا سنمزق اتفاقية الكويز ونرفض أن تستورد مصانعنا منتجات إسرائيل قسرًا لترضى عنَّا عيون السيد الأمريكي ، وأخيرًا تخيلت أننا أوقفنا شرايين الغاز المصري المتدفقة إلى أرض العدو التاريخي لنا بأبخس الأسعار ، ثم شعرت أنني بالغت في خيالي فاستبعدت أن نزيد عدد الجنود على الحدود لأننا مكبلون بكامب ديفيد التي صوّت لها المصريون جميعًا أحياءً وامواتًا وبصموا بالعشرة على القبول بها في استفتاء شعبي فريد من نوعه كان كل مثقفي مصر – تقريبا - مرميين فيه في السجون ، ثم استبعدت المطالبة بدم الشهداء على اعتبار أنها مجرد نيران صديقة ، ثم طار حلم جر الصهاينة إلى محاكم دولية على اعتبار أنهم فوق البشر وفوق القانون الدولي ونحمد الله أن الأسرى هم الذين لم يتعرضوا للمحاكمة بتهمة استهلاك الرصاص الإسرائيلي ، ثم وجدت أنه ربما قد جنح بي الخيال كثيرًا عندما أردت أن تكون طابا للمصريين ، فالمصريون شعب طيب ومضياف ، ألا يكفيه أنه استضاف الحزب الحاكم بأمره عشرات السنين تحولت فيها حاله من أكل الفول المصري صباحًا إلى أكل الفول الصيني صباحًا ومساءً ، وهكذا صرت استبعد حلمًا وراء حلمٍ حتى نفدت مني الأحلام ، فشددت اللحاف عليّ حتى أنام .